في إصدار جديد ولطيف لدار الشرق للطباعة نقرأ دراسة في علم الفراسة ولغة الجسد بكتاب أسرار خلف الوجوه لمؤلفه "حكم الزمان" .
جاء الكتاب في ست ومئتين من الصفحات من القطع المتوسط. مبيناً أن من أصعب الأمور التي قد تواجهنا في صقل موهبتنا في علم الفراسة هي الخلط ما بين ثلاثة أمور يفصل بينهما شعرة وهذه الشعرة تفصل الحق عن الباطل وقد يقع العديد منا في بداية تعرّفه على هذا العلم في هذه الأمور والتي يمكنها أن تدخله في دوامة الوهم الكبير والوقوع في الخطأ في التحليل والتشخيص مما يؤدي به إلى سرداب الظن "وإن بعض الظن إثم"، إذاً الأمر ليس مجرد خطأ عادي يمكننا أن نتجاوزه بالاعتذار أو التكفير عن الوقوع به بعمل مناقض أو تراجعنا عن أمر كان لنا القول فيه قول السيف في وطيس المعارك. إنه أمر كبير وفيه إثم إن وقعنا به حتى ولو من دون قصد لذلك وجب علينا عدم البت والقطع في أي أمر إلا أمر الإيمان بالله سبحانه، ولهذا ومن الحكمة أن نقول دائماً قبل كل قول وبعده مما يخص هذا العلم وغيره من العلوم عبارة.. (والله أعلم).
وقد يقع الكثير منا في الخلط بين أمور ثلاثة وجب توضيحها في هذه الحياة، ألا وهي: الإحساس والحدس والفراسة.
الإحساس
فهو ومن المنظور العلمي الدقيق مجموعة من المشاعر الحسية الملموسة ترتبط بالنفس والجسد وينتج عنها فعل مادي كالألم والجوع والعطش والرغبة والشهوة والراحة والتعب والمرض والشفاء و.. و..
إذاً ليس من الصواب أن نقول بأن إحساسي بفلان كاذب أو صادق، جيد أو سيئ، وليس من المنطق استعمال كلمة "إحساسي" في علم الفراسة فإن ما كان أصله مادياً لا يمكن أن يصيب إلا الجانب المادي، وفي علم الفراسة القضية ليست بالمادية إنها موهبة ونعمة إلهية، بالرغم من أنها تبدو لنا من حيث الشكل قضية مادية حسية لاعتمادنا على لغة البصر والتحليل والطبيعة الخاصة بكل وجه وحركة الجسد.
يقول المؤلف: هنا لابد لي أن أوضح لك أمراً هاماً في حال استعملنا الجانب الحسي في هذا العلم فإننا بذلك نسمح لطاقة "الفكر" أن تصدر أحكامها المختلفة في أصول هذا العلم ما يؤدي إلى خسارة ثروة "التفكر" وهي الأهم.
الحدس
إنه وبشكل مختصر "شريك الظن والتوقع" وقد يدخل فيه الكثير من الخيال والوهم وذلك عندما يكون في مستواه العادي! وهنا أؤكد على كلمة الحدس "العادي"! ولابد لنا من أن نبين أن هناك حدساً متطوراً وحدساً عادياً فالعادي منه لا يتجاوز مستواه عن تأثير العقل على الجملة العصبية مما يحولها إلى صورة حسية يتبناها الظن ويحولها لحكم يبدو لنا في مظهره أنه صائب! بينما يكون في جوهره خاطئاً جدا،ً ومن شر الأمور أن الأول يسيطر على العقل ويتبنى قراره ويتمسك به بشدة وإلى مرحلة يدخل فيها بما يسمى الوهم والعند الشديد وصلابة القلب والعقل في الرأي، وهو يؤكد لك في كل مرة تراجعه فيها بأمر ما.. قائلاً لك "إن فراستي لا تخطئ".
أما عندما يكون في مستواه المتطور فهذا يدل على صفاء الروح ونقاء الوجدان وتحليل الحلال وتحريم الحرام وهو يقف عند أبواب البصيرة.
ولا يحتاج إلاّ التقرب لله عز وجل بالنوافل والمواظبة على تهذيب النفس وتأديبها ومراعاة نقاء جسده وحسن علمه وعبادته ومعاملته وأخلاقه وأسأله تعالى أن نكون من أهل ما ذكرنا من صفات ترضى عنها ذاته الإلهية.
الفراسة
إنها الكثير من نقاء الروح ونعمة البصيرة، والعمل على الذات والتعرف على أسرار النعم التي أنعمها الله علينا ولا يحتاج منك الأمر سوى التفكر في الخالق العظيم من خلال البحث للمعرفة الخيرة والتمييز ما بين ظواهر الأمور وجواهرها والمتابعة على التأمل والتعامل دون أن تخوض في مستنقع التجريب معتمداً على نور قلبك النقي الطاهر ونواياك السليمة لأنه نور، والنور لا يُرى إلا بالنور، وما ستجده اليوم بين يديك في دفتي هذا الكتاب قد يكون إن شاء الله قنديلاً يضيء لك دروب أسئلتك الكثيرة التي تراودك قبل اقتنائك هذا الكتاب. |