هكذا لا يبدو التفصيل أقل قيمة تبعاً لعنوان عريض.. وهكذا لم يأت عنوان ليكون أكثر أهمية من تفصيل يندرج تحته؛ طالما أن التفاصيل المندرجة تحت عناوينها في كتاب "الوطن في لحظة الحقيقة" للدكتور هزوان الوز والصادر عن دار الشرق للطباعة والنشر2012، أتت في موضوعيتها ومنهجية الكتابة عنها, نقاطَ وصول عمليّة لإنتاج منجز بحثي أراد أن يقرأ تاريخياً وسياسياً ما يقرؤه الآخر عن وطننا.. ففي تفاصيل تندرج تحت عنوان, يكون الوطن في لحظتِه حقيقة وتكون الحقيقة في بحثها عن وطن هي الوطن.. هكذا لا يجد قارئ كتاب "الوطن في لحظة الحقيقة" تعريفاً أكثر ارتباطاً بالحقيقة من الوطن والعكس أيضاً؛ طالما أن الحديث عن الوطن هو الحديث عن الإنسان في وطنه, فنقرأ تحت عنوان "لحظة الحقيقة": "إنها ليست اللحظة الأمريكية, ويجب ألا تكون, بل يجب أن نجعل من لحظة الزلزال لحظة إعادة الوعي, لحظة النهوض, لحظة الإبداع, لحظة التماسك والترابط فيما بيننا, ولحظة الوحدة الوطنية, لنجعلها معاً لحظة الحقيقة..."..
وفي تقديمه للكتاب كتب الدكتور نبيل طعمة: "إن كاتبنا يدعونا لقراءة أبعاد مكعب ما يسمى الربيع العربي ووجوهه الستة, معتبراً أن حروب الفرنجة مستمرة, ويؤكد على عدم انتهائها بحكم مصالح الفرنجة في مجتمعنا وجغرافيتنا العربية, ومنذ انتهاء الحرب العالمية الثانية وتربع أمريكا رويداً رويداً على عرش العالم, وتحوّلها إلى قطب وضعت استراتيجية واحدة على شكل مسلسل طويل احتوى في مضمونه الهيمنة أولاً وأخيراً على الشرق الأوسط والعالم؛ عبر حروب, وتلوّنه بين الاستعمار المباشر واختيار صور جديدة مع الحفاظ على المضمون"..
وتحت عنوان "عندما يعيد التاريخ نفسه" يريد الكاتب أن يؤكد من خلاله أننا ما زلنا اليوم في قلب المؤامرة, وهي مؤامرة واقعية لا نظرية, تستهدف كياننا السوري, تستهدف شعبنا بكافة أطيافه.. ومن ثم ينتقل الوز للحديث عن مشروع برناردلويس والذي يعتبر من أخطر المستشرقين وأكثرهم تطرفاً وعدائية للعرب والمسلمين.. ويتطرق الكاتب إلى كتاب "ساعتان هزتا العالم" مشيراً إلى أحداث الحادي عشر من أيلول عام2001 باعتبارها من الأحداث الكبرى التي حدثت في التاريخ.. وفيما يتعلق برؤية كيسنجر الأخيرة نقرأ:" والمتأمل لرؤية كيسنجر هذه, سيجد نفسه أمام حيرة وتساؤلات كثيرة, لكنه على الأغلب سيخرج بنتيجة هي أن الولايات المتحدة أخذت فعلاً برؤية كيسنجر وبدأت بالتحضير لشن المزيد من الحروب, من خلال افتعال الأزمات, وإحداث الاضطرابات والمشاكل والفتن الطائفية في بلدان عديدة".. وتحت عنوان يحمل سؤالاً: هل انتهت حروب الفرنجة؟, يؤكد الكاتب أن حروب الفرنجة لم تنته, تبعاً للتأمل فيما يجري من أحداث في منطقتنا العربية, بل في العالم أجمع, بحكمة وعقلانية بعيداً عن العواطف "وما العقوبات التي تفرضها أمريكا ومن لفّ معها من بعض الدول ككندا ودول الاتحاد الأوروبي على هذه الدولة أو تلك, ما هي إلا استمرار لحروب الفرنجة القديمة, إنما بأشكال ولبوس جديدة, فمن يتّعظ؟!"..ويبحث الكتاب تحت عناوين عدة مثل: مسلسل أمريكي طويل, قرن من الحروب, الرسالة التي كشفت الكثير من الأسرار, لمن لا يعرف برنارد هنري ليفي ومثقفي التزييف, سايكس- بيكو.. من جديد, هل هي حقاً نهاية التاريخ؟, ثقافة الحوار, وطن للحياة.. وتحت عنوان "الخروج من النفق" يختتم الوز كتابه مؤكداً دعوته للحوار: نحن الذين يعيش الوطن فينا ونعيش فيه مدعوون لحوار وطني بعيد عن الإملاءات أو مكاسرة الإرادات, وعلينا مسؤولية تحقيق المناخ المناسب له.. نقرأ: "وقد لا يكون التوافق ناجزاً منذ البداية, لكنه بداية صحيحة على طريق الإصلاح وإنقاذ البلاد من التدحرج إلى أودية الموت, والحرص على ألاّ تسقط التفاحة في سلّة العدو أو أزلامه, وسيكون شعارنا اليوم المسيرة تبدأ بالخطوة الأولى والإرادة الحقيقية: فيا أبناء الوطن اتحدوا.. يا أبناء الوطن اتحدوا".. |