الميل نحو الفكرة في النصوص في السياسة التي كتبها الدكتور نبيل طعمة وضمّها في كتابه "رؤى خطّها قلم السياسة في الأزمة" الصادر عن دار الشرق للطباعة والنشر 2012؛ يأتي هذا الميل متضمّناً من خلال المنهج الكتابيّ الخاص الذي يأتي به؛ وقبل أن تكون الرغبة لكاتب في أن يثبت الفكرة, تأتي رغبة القارئ في موازاة تجعل من إثبات الفكرة المطروحة في رؤية سياسية أمراً قائماً بفعل الكليّ في النصّ ومرهوناً بالجزئيّ في ارتباط هذا النصّ بالتفاصيل العائمة هنا وهناك في هذا الظرف السياسي الراهن لتتحقق الفكرة من خلال كل الممكن في الواقع الراهن وتوازنات هذا الواقع.. وحتى في النظرة الثقافية التي تظهر بين الفينة والأخرى في نصوص طعمة, لم يغلب منطق التجريد النظري في الفعل السياسي المراد منه أن يحصل كنتيجة للفعل الكتابي في السياسة؛ بل على العكس تقحم نفسها المعلومة في بنية نصّ نبيل الثقافي في السياسة بغية إثبات النصّ نفسه بنفسه برهانياً عبر فكرة بفكرة ووجدان بوجدان وأخلاق بأخلاق وثقافة بثقافة وفلسفة بفلسفة وتاريخ بتاريخ..
وفي احترامه لوجهة نظر قارئه أياً كانت تلك النظرة حول ما انساب من الرؤى الفكرية في الكتاب؛ وكأن طعمة أراد من الأفكار المطروحة فيما كتبه قلمه منذ بدأت رياح الأحداث تحوم حول جغرافيتنا العربية, أن يستقرئ ويستشرف ويقارب ويقارن ويلامس الواقع.. ليكون الهدف بالنسبة لطعمة هو الانتقال إلى الأمام لجميع السوريين, نقرأ في تقديمه للكتاب :" أهدف أن نلتقي معاً بالفكرة أو نختلف عليها, وغاية جميعنا الانتقال إلى الأمام, وإزاحة الغريب من الأفكار القادمة من ذلك الغرب, فما ننشده من رؤيتنا إثبات وتثبيت حقّنا التاريخي في الوجود, ونشره إلى الملأ..".. وكما في كل كُتبه يدعو طعمة قارئه إلى التأمل " واستنهاض ما تخبئه من أحلام قادرة على التحقيق بزيادة الوعي..".. يضيف : ".. هل ننتبه؟, هل نعي؟, هل نمتلك نواصي العلم من خلال التأمل والتفكر في عالم يخطّط لأمم ودول عالم الجنوب كي ينهبها من خلال التلاعب بغبائها غير المعترف به من قبل شعوبها".. وفي التقديم يتساءل نبيل عن دور الثقافة حين وقوع الخلل, وهل صحيح إنه كلما تراجع الثقافي تقدّم الأمني, نقرأ : " ..أي لحظة انتشار الفوضى تتحرّك القوى الخفية لمنعها أو زيادتها, وهل هي نتاج للغزوات الثقافية الحاملة لشكل الاستعمار الجديد وهجماته الشرسة.. هل هي سيناريوهات يقدمها بين الفينة والأخرى العالم المادي للعالم الروحي, أي عالم الشمال لعالم الجنوب؛ فنجد من الضروري فهم اللعبة الكبرى.."..
هكذا يأتي الكتاب في 555 صفحة من القطع الكبير حاملاً مقالات "رؤى خطها قلم السياسة" على مدى عام ونيّف حملت عناوين: (الطبخة الإقليمية, رداً على لوبان, العالم الجديد, سورية أكبر, عنق الزجاجة, عالم أمني, البعث, الأمن القومي العربي, الهلال والبدر, السودان وا أسفاه, استيراد الحلول, درس قاس, نيرون والفرعون, بعد بغداد, التجربة المصرية, المشهد العربي, قمة التعارف, رقة السوري, المال العربي, المخطط الخفي, وطن السلام, مفتٍ لكل المناسبات, فساد النوايا, الدم الخبيث, الهتاف للوطن, إلى عزمي بشارة, شعارات, استنهاض الحكمة, عالم مجنون, ديمقراطية الإرهاب, اجتياز الصعاب, الفتنة تظهر الرجال, نكون نعم نكون, يوم الجمعة, السوري مغامر, المشهد, مصطلحات غريبة, النظام والحرية, حوار عشقي لأرض العشق.. مع المواطن نبيل طعمة لـ الرأي: الأزمة أوجدت الإصلاحات ومن يشعلون اللهب مرفوضون, الحوار والحرية, استقلال سورية, الحوار الوطني, حالة الفوضى, أين الدور العربي, المنظمات الدولية, مفاتيح السياسة, العنفوان والوعي, إسقاط النظام, ابتزاز سياسي, المثقف العربي, إسفنجة الحكماء, الشباب السوري, حين تمتلك مساحة من الحب تمتلك مساحة من الحرية الواقعية التي تقف عند حدود الوطن, على ماذا نختلف, الدين العاطفي, النفس الطويل, محتمل أذى, غزو ثقافي, الهجمة شرسة, الثبات إيمان, بقايا صيف عابر, سيناريوهات, العلاج بالصدمة, عالم مادي, أخلاق مهنية, الجامعة العربية, إنها سورية, اللعبة الكبرى, ثورة الحداثة السورية, الطائفية, الإنسان خلاق, يهودية إسلامية, الزيتون والزيت, إلى أين..إلى الإصلاح, الإصلاح الاجتماعي, أطهر أرض, الإصلاح الاقتصادي, الجمهورية الثانية, غيوم السماء, سورية الدستورية, سورية الجديدة, أوباما والتغيير, الحلّ سياسيّ)..