يقدم الصحفي التركي عمر أودامش في كتابه الجديد “الأسد وهزيمة حزب العدالة والتنمية في سورية” عرضا تحليلياً للحرب الإرهابية التي تشن على سورية معتمدا أسلوبا سرديا سلسا ناقلا عن شخصيات سورية وتركية انطباعاتها عن أردوغان والدور المباشر الذي مارسه في نقل الإرهاب إلى سورية إضافة إلى دور الاستخبارات التركية في صناعة تنظيمي “النصرة” و”داعش” الإرهابيين.
وفي الكتاب الصادر عن دار الشرق للطباعة والنشر والتوزيع ويقع في 340 من القطع المتوسط وترجمه للعربية أحمد سليمان الإبراهيم يبين المؤلف الحرب الإعلامية التي شنت على سورية والتي اعتمدت على تلفيق الأكاذيب وكيف أن الشعب السوري يقاوم هذه الحرب القاسية ويدفن شهداءه دون أن ينكسر أو يفكر في الاستسلام لأنه يخوض حرب وجود ولا يمكن أن يخسر في هذه الحرب.
ويبدأ أودامش كتابه باستذكار زيارته الأولى لسورية في شتاء 1982 أعقاب الانقلاب العسكري الذي حدث في تركيا سنة 1980 مبينا أن هذه المرحلة “تعرض فيها الثوريون والديمقراطيون والمثقفون والتقدميون وكل الناس في تركيا لهجوم لا يرحم وللقتل والتعذيب والإعدام ولم يتخل الشعب السوري عنا بل فتح أبوابه”.
ويتضمن الكتاب نص اللقاء الصحفي الذي أجراه أودامش مع السيد الرئيس بشار الأسد والذي نشر في صحف وقنوات متعددة حيث قال خلاله الرئيس الأسد “الشعب التركي تمكن ببراعة أن يقفز فوق كل أكاذيب أردوغان وحكومته وأن يعرف حقيقة الوضع في سورية منذ الأشهر الأولى بالرغم من وسائل إعلام عربية وتركية ودولية ساهمت في تسويق أكاذيب أردوغان”.
وفي كتابه يعري الصحفي أودامش الأردوغانية الظلامية الرجعية ممثلة بحزب العدالة والتنمية المنفذ للتآمر الصهيوأمريكي والداعم لوجستيا للتنظيمات التكفيرية الإرهابية.
وبمهنية صحفية عالية اعتمد أودامش تقصي الحقيقة التي تجري في سورية ونقلها بشفافية إلى الشعب التركي الذي مارس عليه حزب العدالة والتنمية شتى أنواع التضليل الإعلامي والدمغجة الايديولوجية في مسعاه الظلامي الإجرامي الآثم لتشويه وضرب الشعب السوري ومؤسساته المدنية والحكومية والاقتصادية والعلمية والثقافية والحكومية والعسكرية الوطنية.
ويعتبر أودامش في كتابه أن سورية أتمت عملية التحول إلى أمة بقيادة حزب البعث ورسخت الوعي بالانتماء السوري وقادت شعبها باتجاه الدفاع عن سورية تحت شعار محبة الوطن وأن الشعب السوري بكل شرائحه يقاوم الهجوم الرجعي الامبريالي ويلتف حول قيادته الوطنية.
ويوضح أودامش ظواهر التقييم الخاطئ عند حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا لانتماء الشعب السوري إلى وطنه وسوريته لافتا إلى فشل مساعي هذا الحزب في تغيير منظومة الشعب السوري الفكرية فاستبدل مسعاه إلى استجلاب التكفيريين من دول مختلفة ليقاتلوا في سورية خدمة للمنظومة الأمريكية والصهيونية.
وبين أودامش الدوافع الصهيوأمريكية التي تتم على أساسها محاربة سورية وقيادتها كهدف أساسي بسبب عدم موافقة القيادة في سورية على تعزيز سيطرة الولايات المتحدة وعملائها الإقليميين على المنطقة ورفضها التخلي عن القضية الفلسطينية وعن المقاومة للمشاريع الصهيوأمريكية في المنطقة.
وفي كتاب الصحفي أودامش توصيف للتنظيمات الإرهابية وخلفيتها الايديولوجية الظلامية التكفيرية القائمة على تكفير الآخر وقتله والتنكيل به بكل وحشية لمجرد رفضه لها مشيرا إلى تعدد التسميات والشعارات التي تطلقها تلك التنظيمات على تشكيلاتها الإجرامية فجميعها تقوم بسفك الدم السوري وتخريب حضارته متذرعة بإسلامها الذي شوهت وأفسدت مفاهيمه ومقاصده لتسويغ جرائمها ضد الإنسانية برمتها.
وتظهر التحريات الصحفية الموثقة التي أدرجها أودامش في كتابه وجود معسكرات للتنظيمات الإرهابية على الحدود بين سورية وتركيا وفي بعض القرى التركية تحت ستار مخيمات اللاجئين السوريين يتدرب فيها آلاف الارهابيين كالمعسكرات الموجودة في قرية كظل تشاط وقريتي كوشا كلي وبوكولمان حيث تعتبر هذه القرى مقرا للاستخبارات السرية التي تجمع بين الأمريكان وتنظيم القاعدة.
في حين بين أودامش أن كل المهجرين السوريين لا يلقون رعاية أو اهتماما في تركيا خلافا للإرهابيين المتدربين كما أن المهجر السوري يعيش حالة من البؤس في الوقت الذي تحرص الحكومة التركية على الاهتمام بطعام الإرهابيين وأماكنهم ومعالجة جرحاهم.
ويتضمن الكتاب عددا من الربورتاجات واللقاءات الصحفية مع كبار من رجال الدين والسياسة مثل الدكتور خلف المفتاح عضو القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي والدكتور فيصل المقداد نائب وزير الخارجية والمغتربين ومفتي الجمهورية الدكتور أحمد بدر الدين حسون حيث سعى الكاتب خلال تلك اللقاءات إلى استقراء أهم مفاهيم القادة والسياسيين ورجال الدين في مواجهة الأزمة في سورية وكيفية تعايش الشعب السوري في مواجهة هذه المؤامرة مشيرا إلى أن كل السوريين يكنون كل المحبة للشعب التركي وليس لديهم نوايا سيئة تجاههم في الوقت الذي ذهبت فيه الحكومة التركية تنتهك كل القوانين والشرائع لتفتيت سورية.
وعن الكتاب قال الناشر الدكتور نبيل طعمة “استطاع عمر أودامش في عمله المنهجي أن يؤءكد هزيمة حزب العدالة والتنمية أمام سورية الأسد ذلك الحزب الذي يختطف تركيا من علمانيتها والتي عمل عليها الشعب التركي بأطيافه وتنوعه بعد أن آمن بأن عيشه مرتبط بالآخر الجار القريب قبل البعيد وبشكل خاص سورية التي تمتلك معها حدودا برية هي الأكبر بين كل الجوار وإيمان سورية بالتعدد والتنوع وبحق أبنائها في حياة كريمة”.
وأضاف طعمة.. “أردوغان وأوغلو لم يرق لهما التعاون الاقتصادي والاجتماعي مع سورية وأهمية الانتاج الزراعي في سورية فذهبا إلى تآمر سريع عليها مع دول أخرى لتنفيذ المنظومات الاستعمارية والصهيونية وخدمة العرقية والمذهبية والتكفير” مبينا أن كل هذا الباطل سينهزم بحكم الجهل بالجغرافية السورية المتحدة مع أبنائها”.
أما المترجم أحمد سليمان الابراهيم فبين أن عمر أودامش يعرف تماما التنوع الموجود في سورية بشكل جيد وهو في كتابه الذي بين أيدينا يتحدث عن المذاهب والطوائف الدينية في سورية ليس لأنه يرى تميزا بينها بل لأن حكومة حزب العدالة والتنمية تستخدم هذا التنوع في سورية لخدمة المؤامرة التي تستهدف سورية شعبا وحكومة وترابا وتاريخيا. |