في كتابه "سارقو النار- في الفكر والأدب وزوايا حادة" الصادر عن دار الشرق للطباعة والنشر2013، يقدّم الدكتور إسماعيل إسماعيل مروة دراسات ورؤى كُتِبت في العام 2012، في محاولة لأن يكون "نارها أقوى من الأزمة"، طالما أنه يرى نفسه "ذرة من تراب عصفت بها الرياح فحملت من كل شيء، لتعيش أكثر من حياة" كما يقول في تقديمه للكتاب.. وفي السؤال عن قدرة الكاتب أن يعيش أكثر من حياة؟!، يبقى لمروة إجابات وللمتلقي إجاباته أيضاً، يتفقان.. يختلفان.. الأهمّ أن الفكرة تبقى!!.
أن يكون الكاتب سارقاً للنار هذا بحدّ ذاته قوننة مجانية للفعل، لكن أن تكون "الأنا" و"الرغبة" دافعاً، فهذا بحدّ ذاته قوننة ذاتية تصعّب العثور على نار "أشدّ من ناره" حتى وإن كان آخر السارقين، حتى وإن لم يمتلك من النار إلا "ما يصدر من وهج"!!.. هكذا يمكن استقراء "المضمر" في كتابات الدكتور مروة؛ منح القارئ فرصة العلاقة معه، توضيحها في الإطار الذي يطوّر العلاقة الحاصلة مستقبلاً بين العمل الفكري أو الأدبي وأثره في جمهور التلقي، باستيحاء منطق فكرة تتراوح بين السؤال والجواب، بين الشكّ واليقين من دون أن يكتفي القارئ بأن يكون "انتقائياً" في قراءته!.
إذاً بإمكان نصوص مروة أن تقدّم إمكانيات تأويل وفي ذات الوقت بإمكانها أن تتماهى في بساطتها باتّجاه واضح الملامح لسيرورة زمنية تاريخية سواء في الإطار الأدبي أو في الإطار الفكري الصوفيّ..
في تقديمه للكتاب نقرأ للدكتور نبيل طعمة : "سارقو النار متألمون من حملهم الفكري وفرحون به، مصرّون على أن يكونوا شموع مثلث القداسة، وأنوار ثقافة الحداثة، وجمر دفء الفكر الإبداعي الراسم لطرق الوصول إلى الأهداف، منارات أضاءت تلافيف فكر الدكتور إسماعيل إسماعيل مروة بعد أن تفاعلت مع رؤاه، فكانت منتجة ومنجبة لما بين يدينا.. وهو ما دعاني كي أقدّم له، ولم أستطع أن أخطّ كلمة إلا بعد أن قرأت آخر جملة يختصر فيها الاعتذار واستطاعة الافتداء، فعرفت كم أن مؤلفنا متحرق، أحرق مساحة من فكره النوعي كي يوصل إلينا ما أراد من عنوانه "سارقو النار" وتربّع على جمرهم الذي برد بعد أن سرق ناره وأحرقته.".
من جهة أخرى يمكن القبول بأن إمكانية فهم القارئ لكتابات مروة فنيّاً، تتطوّر ضمن الحدود التي يمكّن الكاتب قرّاءه من التعرّف على حياته، حياتهم، مشترطاً مروة – حتى وإن كان هذا الشرط افتراضيّاً من قبلنا- بأن يبقي الفهم الفنيّ لنصوصه مرتبطاً بالمعايير الجمالية للإنسان القارئ وأخلاقياته المجتمعية والدينية والسياسية والاقتصادية، بذات ارتباطه بالمعايير التقنية المكرّسة لخدمة الكاتب فنيّاً ضمن ما يتوافر من معطيات وجدانية تخدم إمكانية كتابة نصّ متقن فنيّاً بالمطلق!!..
يبقى أن نقول إنه بإمكان الدكتور اسماعيل مراجعة ما تضمّنه الكتاب، بإمكانه أن يكتشف أن النصوص أيا كان شكلها ونوعها لا يمكنها أن تنتقل من تلقاء نفسها؛ نصوص يضمّها الكتاب بإمكانها وبقوننة مجانية لسرقة نارها من جديد أن تنتقل إلى شكل وشكلٍ وشكلٍ متحوّلةً إلى "مشروع" يُضاف إلى النار الأخيرة، ويصبح في قوّة لهبه وكأنه نارُ "آخرة"!!.
وفي تقديمه للكتاب يقول الدكتور محمود أحمد السيد: "إن هذه المجموعة من الدراسات المتنوعة التي صاغها فكر أديبنا المبدع رسمتها ريشته في أجمل صورة وأنبل هدف، وهل ثمة هدف يعلو على الانتماء الوطني والشعور الإنساني المفعم بالمحبة والتسامح ذلكم هو حاله في هذه الدراسات التي تمثل منظومة من القيم البناءة حباً وسمواً ونبلاً واحتراماً للآخر.
لقد تغنى بالشام مهبطاً للإبداع، وإيحاءً له، وقداسةً في المكان، وقدّم نماذج أدبية لكوكبة من الأدباء الذين أسرتهم محاسن الشام، القدماء منهم والمعاصرين المقيمين على الأرض العربية، ومن هم في المغتربات.
يقسم المؤلف الكتاب تحت عناوين نذكر منها: مع جمرات التراب (دمشق.. الشام.. نشيد عشق أزلي- عطر شام- أخلصوا لحلب فأعطتهم الخلود- عذراً أبا الطيب لا مكان لك!- فوق احتمال الذبيح!!)، قضايا النار(بين الواقع والإنشاء ضاعت القصيدة وبهتت القضية- أسهموا وكتبوا ولكن الشروط لم تتحقق في إبداعاتهم- غرابة دون كيشوت)، قامات من نور(أدونيس سؤال وكشف واحتضار أمة- بحث عن التنوير فرحل واسمه على قائمة المنع والتجهيل- إسماعيل عبد الحافظ.. رحل وبقيت بصمته في الحلمية)، سطور من الإنسان (السيد وتخليد النجوم التي لا تأفل- «فصول في التصوف» تأصيل وبيان وتاريخ- في نظرية العنوان.. مفتاح النص وجوهره)، نار الشعر ("شظايا" أبو مانو والشعر قوس قزح- أخذ القرية للمدينة حلم مؤرق لتجربة شعرية- عندما تتحول امرأة إلى غزالة ماذا يفعل الصياد؟)، نار الرواية والقصّ (هل ضاعت الوصايا في الغبار ولم نكترث؟- رجل أضاع رجولته وأهدى قصة)، نار الآخر (الشعور المأساوي أعمق من فلسفة في أغوار الوجود- لماذا كان السعي حثيثاً لتمرد الجماهير؟)، زوايا النار(الجلاء.. تموزي.. نيساني وشهيد- كوني أبدية الحب- تقدس اسمك- الحلم والحالمون).. |