يرى الدكتور نبيل طعمة في الجزء الحادي عشر من سلسلته “فلسفة التكوين الفكري” أن فكرة الوعي شيفرة مركبة ومعقدة وكبيرة حتى على العقل الإنساني لن يستطع العلم حتى هذه اللحظة أن يفكك أبعادها ومراميها فهل كان الإنسان قبلها في مرحلة اللاوعي وإذا كان كذلك هل كان نكرة غير معروفة.
ورأى طعمة ان بداية الإنسان في تلك المرحلة كانت بداية لا وعي إلى أن سكنتها الروح فبدت وعيا وروحا مع تشكل الحياة الأولى التي هي مرحلة ما قبل الولادة والذي يتكون فيها من الصفر إلى التسعة اما الحياة الثانية فهي الولادة ومسافة الحياة بين نقطتيها والحياة الافتراضية الثالثة هي التي تكون ما بعد الرحيل والنهاية .
ويعمل طعمة في كتابه على فهم اللاوعي والوعي وعلاقتهما بين الشخصي والكوني وما يترتب على ذلك من فلسفة حياتية بما في ذلك خطوتها وأسسها ووسائل تحول الإنسان الحياتية والعلمية والروحية لافتا إلى أن الوعي مسألة فلسفية دقيقة فالإنسان استمد أفكار البناء من الكون ودقة هندسته وأبعاده ليطور له الوعي بينه وبين الكون وإن الدخول إلى أعماق اللاوعي تحتاج إلى التأمل والفهم العميق.
وفي الكتاب نرى أن اكتشاف أسرار الكون يحتاج إلى استيعاب علوم ومفاهيم وماهية الطاقة فالسبل إلى إدراكها لا ينبغي أن يكون فقط رياضيا إنما يحتاج إلى إدراك الوعي الكوني الذي لا يحصل إلا بالتأمل الموجود بين نقطتي المتأمل والمتأمل به فإذا حدث كان الاستكشاف العلمي أو الروحي من خلال الطاقة الحيوية التي يمتلكها الإنسان.
وذهب طعمة إلى أن الفساد منهج كوني لا تخلو أمة أو مجتمع أو دولة أو أسرة من تغلغله في مفاصلها وحتى الفرد نجد الفساد موجود ضمن تكوينه خاملا أو ناشطا وحيث ان التكوين الإنساني المبني ضمن نظرية الخلق جاء من عنصري الخير والشر ولم يخل كتاب مقدس سماوي أو ثقافي أو وضعي من الإشارة للفساد وضرورة مقاومته.
ويصف طعمة ما يدور في سورية الآن بأن الشخصيات التي تحركها القوى المتامرة لم تستطع إلى اللحظة أن تمتلك لغة خطابية تجذب إليها التابعين ولا استمالة المؤمنين ولا حتى الكافرين ولم يدر في فلكها سوى قليل من البسطاء والمنخدعين وكثير من الرعاع والمأجورين فلا هم اقنعوا أنفسهم ولا هم أقنعوا غيرهم.
وفي الكتاب يجد طعمة أنه بدون وجود الأوغاد ما كان لأحد أن يصل إلى الحقيقة ويتطلب وجود هؤلاء الأوغاد بالمقابل أبطالا على قمم من جثث أولئك والعكس صحيح فالدافع لدى الاثنين هو الواجب والواجب يحمل وجهي الخير والشر مبينا ان الأبطال ينتهون في حياتهم أو يموتون فيتحولون إلى وجود وإلى ذاكرة وكذلك الأوغاد يحدث لهم ذات الفعل يخلدون كما سقراط الحكيم ونيرون الذي أحرق روما وهو ينتشي على أسوارها وغيرهم.
ولفت إلى أنه لم يكن الوضع الإنساني عبر كامل العصور إلا في حالة صراع دائم بين الحب للإنسان والحرب التي تقتل الإنسان عبر وجوهها المتعددة فأقنعتها كثيرة ومبرراتها كبيرة وأحيانا مقنعة فما إن يسقطها الحب حتى تعود بكونها طبعا بشريا موضحا أن دكتاتورية الديمقراطية جسدت ثقافة كونية يمارسها جميعنا بدراية معلنة أو خفية متوغلة في أعماق كل منا لتظهر كساكن يحيى في أعماق البشرية وبنانه ومنجزاته دون استثناء تسعى لشكل دائم للظهور عليه فالحياة أوجدت للإنسان مساحة لممارستها بشكل منتظم.
وفي الكتاب الصادر عن دار الشرق للطباعة والنشر والتأليف والذي يقع في 207 صفحات مواضيع أخرى تجرد من يدعون بالمعارضة والثورة وتكشف زيفهم وذلك عبر أسلوب يمتلك قدرة على الفضح والتعرية وفق الأخطاء الموجودة في ما يطرحونه وما يفعلونه معتبرا أن ما يدور هو خدمة للصهيونية ولسواها من الطامعين بخيرات وطننا. |