كعادته الباحث الدكتور مازن يوسف صباغ يتحفنا كل فترة زمنية بوليد جديد يضيفه إلى أسرة إبداعاته التي تتمحور مابين الفكر والسياسة والتوثيق يزيد بها غنى ذاكرة المجتمع السوري بكل أطيافه وجغرافيته الجميلة، فالدكتور مازن صباغ واحد من الناس وهو لكل الناس كما كان والده المناضل يوسف صباغ، وقد صدر له مؤخراً عن دار الشرق بدمشق كتاب (برهان بخاري.. الرحيل) جاء الكتاب في /304/ صفحات من القطع الكبير وبإخراج جميل وأنيق، كتاب يوثق ما قيل بحق رجل الأدب والسياسة ومسلطاً الضوء على تاريخه الإبداعي عبر شهادات ليكون شاهداً على العصر على مّر الأزمنة، وبذلك يكون شيء من الوفاء لمسيرة فارس ترجل من على صهوة جواده.
تقدمت صفحات الكتاب مقدمة للدكتور نبيل طعمة قال في مطلعها: التقيت برهان لحظة أن كان تائهاً منتشياً بخمرة فكره يتجول على طرقات الاختيار بين الفكر واليقين في زحمة الكون العجيب، مددت يدي إلى يده المتعرقة والمرتعشة، أحسست بها تسأل عن حقيقة الزمن الضائع.
أما الدكتور الصباغ فاحتار كيف يصف هذه الشخصية الجدلية الغائصة في أعماق التاريخ والتراث والأدب والفن والغارقة أيضاً في بحور الإسلاميات والأديان الأخرى والمشبعة برحيق الياسمين كيف لا وهو الدمشقي ابن زهر الياسمين، فقال في معرض كلمته: الكتابة عن صديق غال ونديم ونادر ومحب كالراحل برهان بخاري موضوع شائك وصعب تحتار من أين تبدأ بالحديث عن (أبو عرفان)، فهو رجل تنوير وحوار واعتدال يؤمن بالعقل، ملتزم وطنياً، متمرد على كل قديم ومتخلف متجدد يدعو باستمرار للتجدد ولكن ضمن ثوابت معينة.. فسحة /69/ عاماً من العمر أتاحتها له الأقدار ليقدم مشروعه في الحياة. ثم ينتقل بنا الموثق الصباغ في معرض كتابه إلى ما قيل عن برهان بخاري من على المنابر الثقافية وما تجسد من وصف له شابهَ الدرر والجواهر النفيسة وربما أكثر على صفحات الوسائل الإعلامية المحلية والعربية بأقلام عريضة في العالم الثقافي والإعلامي ناهيك عن صفحات الإنترنت، وكأنه يقول للجمهور السوري والعربي المثقف على حد سواء بفخر (هذا هو ابن بلدي) الباحث والمفكر وصاحب مشروع الترجمة الآلية "برهان بخاري"، ومن أجمل ما وصف به البخاري هو (المؤذن في المدن الصماء) لزكريا تامر، كما وصفوه بأنه يملك أجمل ذاكرة لدمشق.. وفي آخر المطاف بجسم الكتاب يتفق جميع من تحدث وكتب عن أبي عرفان بأنه غاب عنا جسداً لكنه حاضراً بيننا بفكره.
يذكر أن الموثق الدكتور مازن يوسف صباغ من مواليد الحسكة 1953 يحمل أكثر من شهادة جامعية كما يحمل دكتوراة دولة في العلوم السياسية والإدارية، وقد تبوأ في مسيرته العملية العديد من المناصب السياسية والإدارية، له/31/مؤلفاً، نال العديد من الأوسمة وشهادات التقدير على ما ينضح به من أعمال جليلة تسهم بالارتقاء بالمشهد الثقافي والتوثيقي السوري والعربي على حد سواء.
|