غلب الطابع الاجتماعي والإنساني على قصائد مجموعة “وشم مخملي الجمر” للشاعرة عبير الديب الصادرة حديثا والتي انحازت إلى شعر التفعيلة التي دخلت في بنية كل القصائد منذ بداية النص إلى نهايته.
في نصوص المجموعة يبدو الحزن جليا في أعماق الشاعرة لأسباب كثيرة لا يمكن للموهبة الشعرية إلا أن تعبر عنها فجاءت عبر عاطفة أنثوية محملة بالإيحاءات التي تريد لها أن تدخل الإنسان في عالم الأمل والتأمل تقول في قصيدة “وداع أيلول”..
أيلول .. يا سحب السؤءال .. ويا مشجب الأحزان أرهقني المسير محملا .. بحقائب الألوان.
وتذهب الشاعرة الديب إلى دلالات محملة بالرموز فيها مكنونات شاعرة أنثى تعاني عن كثير من النساء اللواتي فقدن الطموح والأمل في زمن تفشى فيه القتل والإرهاب جراء الحرب على سورية مشكلة نصها بابتكار بنيوي جديد كقولها في قصيدة “ضباب”..
ضباب يغطي هضاب الكلام .. وأمشي أفتش عن ظل ما كنت .. عن ظل ما سأكون .. أفتش في كومة الوهم .. عن إبرة الحلم .. علي بالحلم أفتح بابي.
ويظهر تأثر الشاعرة في بعض نصوص المجموعة بما اطلعت عليه والتي بنت بموجبها فلسفتها الذاتية ونظرتها للأشياء في جوهرها كقولها في قصيدة كلمات..
كلمات .. لا تأويل لها .. غير السرداب .. الواصل بين الاخر والذات ويضيق المفهوم .. لتأخذك مساحات التأويل .. غيوما .. تهمي فوق مخاطبها .. كلمات .. كلمات.
تقدم الديب رأيا مختلفا عن الشعر يتجنب المألوف معتبرة أن الشعر حالة باقية مهما تعاقبت الأزمنة فتقول في قصيدة بعنوان “في الشعر”..
الشعر تاج .. في رؤوس كماة انتصروا .. على ترب الزوال بشعرهم زالوا وما زالوا .. بنبض قصيدهم .. أحياء في كل الدروب .. وفي المباهج .. في الخطوب.
وفي مفهومها للحلم ترى الشاعرة أنه يجمع كل ما يتمناه الإنسان ويكونه في داخله ويسعى لتحقيقه كلما توفرت لديه القدرة على ذلك حيث استخدمت الديب لنظامها النصي موسيقا هادئة تناسبت مع البنية التركيبية للحالة النفسية وللطرح الشعري تقول في قصيدة “حلم”..
هو الحلم .. يجمع ما في الشتات .. هو الحلم .. يغري بهطل المطر ويفتح كل سراديب ذاتي .. يوزع فيها النجوم .. يوزع فيها لجين القمر .. هو الحلم بوح الأنا للغريب .. المحمل بالندى والسفر.
وتؤنسن الشاعرة الديب الألم على طريقة الشعراء الرومانسيين عبر تشكيل شعري تعبر فيه عن حزن كبير ونفس مفعمة بالإنسانية والمحبة حيث استعارت من الكون بعض بهائه للكناية عن حزن نبيل ورقيق وشفيف فقالت في قصيدة شكاية..
وشكا المساء غيابه .. وشكوت للشفق الحزين .. لواعج النفس المتيمة اشتياقا وانبرت .. لفحات شوقي بالسؤءال .. هل يا ترى نسي الهوى .. أم أنه باق .. على عهد الهوى ما زال .
تختلف النغمة الموسيقية عند الشاعرة الديب في مجموعتها الصادرة عن دار الشرق للطباعة والنشر والتوزيع والتي تقع في 124 صفحة من القطع المتوسط حيث تستخدم النغمة المتحركة المنفعلة أو الأكثر ضجيجا كقصيدتي “من قال” و”غجرية” كما تستخدم في نصوص أخرى الموسيقا الهادئة مثل قصيدة “وداع أيلول” التي تساهم في شدة البوح وتستخدم أيضا الموسيقا المساهمة في النص الخبري كقصيدة “حمص” معتمدة في كل استخداماتها على أسلوب عفوي لا يخرج عن طموح المرأة الواعية. |