يتناول كتاب “أرمينيا ماضياً وحاضراً” للبروفيسور الدكتور أرشاك بولاديان المراحل التاريخية التي عرفتها العلاقات بين العرب وأرمينيا منذ نشأتها والتطور الذي شهدته في الزمن الحالي بعد استقلال أرمينيا قبل خمسة وعشرين عاما.
ويشير بولاديان في الكتاب إلى أن الشعب الأرمني بعد انهيار الاتحاد السوفييتي اختار الاستقلال وأعلن عن جمهورية طموحة بإرادة شعبية خاصة ما أدى إلى انعطاف كبير في حياة أرمينيا التي عاشت تحولات تاريخية جديدة في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وكتب بولاديان ..”أثبت الشعب الأرمني هويته وكيانه أمام العالم كله وإمكانياته في تأسيس الدولة التي سلبت عنه لفترة طويلة من الزمن بالإضافة إلى إقامة علاقات متوازنة مع جميع الدول وتطويرها في مختلف المجالات”.
ووفق بولاديان فإن “الاستقلال وضع جمهورية أرمينيا الفتية أمام قضايا ومشاكل جديدة من بينها اعتماد لغة حوار سياسي مع العالم الخارجي ..وفي خضم سعيها لإيجاد سبل التعامل مع بلدان العالم وجدت أرمينيا نفسها بإتباع سياسة التعايش السلمي مع كل الدول المجاورة دون استثناء لتحقيق الأمن والاستقرار والرخاء لشعبها”.
ورأى الباحث بولاديان أن جمهورية أرمينيا رغم الصعوبات الجسيمة طرأت عليها تطورات إيجابية وتغيرات جذرية في الحياة الاجتماعية والاقتصادية وإنشاء المؤسسات الديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان واعتمادها لسياسة خارجية قائمة على حسن الجوار وميثاق الأمم المتحدة.
ولفت بولاديان إلى أن الحوار العربي الأرمني المباشر أثمر عن توقيع عدد من الاتفاقيات والبرامج التنفيذية والبروتوكولات والتي سجلت صفحة جديدة في تاريخ العلاقات بين أرمينيا والدول العربية.
ويؤكد بولاديان أنه لا بد من إلقاء نظرة على الماضي والاستعانة بالتجربة التاريخية وتوحيد كل القوى والإمكانات للتصدي للإرهاب الذي يهدد المنطقة برمتها ولا سيما أنها تعيش تغييرات جيوسياسية نتيجة وباء الإرهاب الذي يتستر بالدين الذي هو منه براء.
كما كتب بولاديان عن العلاقات الثنائية بين أرمينيا وسورية والتي حققت مزيداً من التعاون بين البلدين في شتى المجالات ولا سيما أن الشعب السوري احتضن الأرمن أيام محنتهم جراء جرائم العثمانيين.
الباحث بولاديان حرص في منهجه على التوثيق والإشارة إلى المصادر والأعوام والدلالة ملتزماً بذلك أسس ومقومات المنهج البحثي الذي يعطي الكتاب حق الانتماء إلى مسميات البحث الحقيقية.
وعن الكتاب قال الدكتور نضال الصالح رئيس اتحاد الكتاب العرب في سورية “يعمل المؤلف بولاديان في بحثه على عرض المراحل والتداعيات التي مر بها الشعبان السوري والأرمني ليذكر أولاً بما قدمه السوريون لاخوتهم الأرمن في محنتهم بعد هجرتهم بسبب الكارثة التي ألمت بهم جراء جرائم العثمانيين والثاني ليدل على نزوع أرمينيا تجاه تقوية العلاقات مع الشعب العربي وخاصة السوري الذي قرر أن يكون مقاوماً للإرهاب وللتكفير”.
أما الدكتور نبيل طعمة مدير دار الشرق للطباعة والنشر والتوزيع فرأى فيما قدمه بولاديان أنه “ليس من السهل أن تجمع تاريخ شعب وتتابع طموحه مع ما مر به من مآس وانتهاكات وبشكل خاص ذاك الحكم الطوراني العثماني الذي جثم على صدر الشعوب والأوطان أكثر من أربع مئة عام ارتكب خلالها أبشع أنواع التخلف والمجازر وخاصة بحق الشعب الأرمني الذي دفع أكثر من مليون وخمسمئة ألف شهيد” لافتاً إلى العلاقات التي ربطته بالشعب السوري وإلى التحولات التي عاشها الشعب الأرمني بعد الاستقلال.
يشار إلى أن بولاديان من مواليد 1950 في منطقة راس العين بسورية حاصل على إجازة جامعية من كلية التاريخ و الجغرافيا و على درجة الدكتوراه من أكاديمية العلوم في أرمينيا شغل العديد من المناصب في سلك التعليم الجامعي في بلاده ولدى الاتحاد السوفييتي سابقا ومثل بلاده كسفير في عدد من الدول العربية ويشغل حاليا سفير أرمينيا في الجمهورية العربية السورية عنده العديد من الإصدارات باللغات الأرمنية والروسية والعربية والتركية منها “دراسات في تاريخ وثقافة الشرق” و”تاريخ العلاقات الأرمنية العربية” و”شهود عيان عن الإبادة الأرمنية في الإمبراطورية العثمانية” و”مسألة أصل الأكراد في المصادر العربية” وغيرها. |